فصل: الشاهد الثامن والتسعون بعد المائتين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.فتنة السلطان محمود مع عمه سنجر.

ولما توفي السلطان محمد بلغ الخبر إلى أخيه سنجر بخراسان أظهر من الجزع والحزن ما لم يسمع بمثله حتى جلس للغراء على الرماد وأغلق بابه سبعا ثم سمع بولاية ابنه محمود فنكر ذلك وعزم على قصد بلاد الجبل والعراق وطلب السلطنة لنفسه مكان أخيه وكان قد سار إلى غزتة سنة ثمان وخمسين وفتحها وتنكر لوزيره أبي جعفر محمد بن فخر الملك أبي المظفر ابن نظام الملك لما بلغه أنه أخذ عليه الرشوة من صاحب غزتة ليثنيه عن قصده إليه وفعل مثل ذلك بما وراء النهر وامتحن أهل غزتة بعد فتحها وأخذ منها أموالا عظيمة وشكا إليه الأمراء اهانته أياهم فلما عاد إلى بلخ قبض عليه وقتله واستصفى أمواله وكانت لا يعبر عنها كان فيها من العين وحده ألف دينار مرتين واستوزر بعده شهاب الإسلام عبد الرزاق ابن أخي نظام الملك وكان يعرف بابن الفقير فلما مات أخوه السلطان محمد عزم على طلب الأمر لنفسه وعاوده الندم على قتل وزيره أبي جعفر لما يعلم من اضطجاعه بمثلها ثم إن السلطان محمود أبعث إليه يصطنعه بالهدايا والتحف وضمن له ما يزيد عن مائتي ألف دينار كل سنة وبعث في ذلك شرف الدين أنو شروان بن خالد وفخر الدين طغرل فقال لهما سنجر أن ابن أخي صغير وقد تحكم عليه وزيره وعلي بن عمر الحاجب فلابد من المسير وبعث في مقدمته الأمير أنزوسار السلطان محمود وبعث في مقدمته الحاجب علي بن محمد وكان حاجب أبيه قبله فلما تقاربت المقدمتان بعث الحاجب علي بن عمر إلى الأمير أنز وهو بجرجان بالعتاب ونوع من الوعيد فتأخر عن جرجان فلحقته بعض العساكر ونالوا منه ورجع الحاجب إلى السلطان محمود بالري فشكر له فعله وأقاموا بالري ثم ساروا إلى كرمان وجاءته الإمداد من العراق مع منكبرس ومنصور بن صدقة أخي دبيس وأمراء فسار إلى همدان وتوفي وزيره الربيب فاستوزر أبا طالب الشهيري ثم سار السلطان في عشرين ألفا وثمانية عشر فيلا ومعه ابن الأمير أبي الفضل صاحب سجستان وخوارزم شاه محمد والأمير أنز والأمير قماج وكرشاسف بن ضرام بن كاكويه صاحب برد وهو صهره على أخته وكان خصيصا بالسلطان محمد فاستدعاه بعد موته سنجر وتأخر عنه وأقطع بلده لقراجا السامر فبادر إليه وتراجعوا بقرب ساوة في جمادي ثالث عشرة فسبقت عساكر السلطان محمود إلى الماء من أجل المسافة التي بين ساوة وخراسان وكانت عساكر السلطان ثلاثين ألفا ومعه الحاجب علي بن عمر ومنكبرس وأتابك غزغلي وبنو برسق وأقسنقر البحاري وقراجا الساني ومعه سبعمائة حمل من السلاح فعندما اصطفوا إلى الحرب إنهزم عساكر السلطان سنجر ميمنة وميسرة وثبت هو في القلب والسلطان محمود قبالته وحمل السلطان سنجر في الفيلة فانهزمت عساكر السلطان محمود واسر أتابك غزغلي وكان يكاتب السلطان سنجر بأنه يحمل إليه ابن أخيه فعاتبه على ذلك ثم قتله ونزل سنجر في خيام محمود واجتمع إليه أصحابه ونجا محمود من الواقعة وأرسل دبيس ابن صدقة للمسترشد في الخطبة لسنجر فخطب له أواخر جمادى الأولى من السنة وقطعت خطبة محمود ثم إن السلطان سنجر رأى قلة أصحابه وكثرة أصحاب محمود فراسله في الصلح وكانت تحضه على ذلك فامتنع ولحق البرسقي بسنجر وكان عند الملك مسعود بأذربيجان من يوم خروجه من بغداد فسار سنجر من همدان إلى الكرخ وأعاد مراسلة السلطان محمود في الصلح ووعده بولاية عهده فأجاب وتحالفا على ذلك وسار محمود إلى عمه سنجر في شعبان بهدية حافلة ونزل على جدته فتقبل منه سنجر وقدم له خمسة افراس عربية وكتب لعماله بالخطبة لمحمود بعده في جميع ولايته وإلى بغداد بمثل ذلك وأعاد عليه جميع ما أخذه من بلاده سوى الري وصار محمود في طاعة عمه سنجر ثم سار منكبرس عن السلطان محمود إلى بغداد وبعث دبيس بن صدقة من منعه من دخولها فعاد ووجه الصلح بين الملكين قد أسفر فقصد السلطان سنجر مستجيرا به من الإستبداد عليه ومسيره لشحنة بغداد من غير إذنه ثم إن الحاجب علي بن عمر ارتفعت منزلته في دولته وكثرت سعاية الأمراء فيه فأضمر السلطان نكبته فاستوحش وهرب إلى قلعة له كان ينزل بها أهله وأمواله وسار منها إلى خوزستان وكانت بنو برسق اسوري وابن أخويه ارغوي بن ملتكى وهدد بن زنكي بعثوا عسكرا يصدونه عن بلادهم ولقوه قريبا من تستر فهزموه وجاؤا به أسيرا وكاتبوا السلطان محمودا بأمره فأمرهم بقتله وحمل رأسه إليه ثم أمر السلطان سنجر بإعادة مجاهد الذين تهددوا إلى شحنة بغداد فعاد إليها وعزل نائب دبيس بن صدقة.